إنّ التعقيد و الغموض المخيّم على الأزمة السوريّة الحاليّة لا يسهّل على متابعي الشأن الدولي إستيعاب ما يجري بقدر ما يجعل تفكيك المشهد السوري و فهم تأثير التوازنات الإقليميّة و الدولية على الداخل و على تحالفات نظام الأسد مع أنظمة و تنظيمات مجاورة أمرا يحتاج إلى تمحيص و إقصاء للجانب الذاتي العاطفي قدر المستطاع
ضرورة الإقرار بحصول "ثورة" في سوريا
لا يروق لي التسليم الأعمى و الساذج لنظرية المؤامرة الذي سوف يكبّل الفعل الثوري و يحجّر العقول عند العرب.
إنّ الإقرار بحصول ثورة في سوريا يبدأ بالإعتراف بأنّ النظام السوري فاقد لكلّ شرعية منذ قيامه ذلك أنّه حكم بوليس دوغمائي لا يسمح بالتعددية السياسية و الفكرية كما يعدم الحرّيات و لا يحترم أبسط حقوق الإنسان.يبقى النقاش مفتوحا على مصراعيه حول التوصيف السياسي المدقّق,هل هي ثورة ؟ هل هو مجرّك هيجان جماهريري ؟ على كلّ حال,يوجد عدم رضا و غضب و سخط شعبي على منظومة فساد عمّت جميع المجالات في سوريا.
ركوب إسرائيل على الأحداث بمباركة الولايات المتحدة و دول الخليج
لا شكّ في أنّ الولايات المتحدة و إسرائيل لم تعد ترغبا في البقاء مكتوفتا الأيدي أمام التحالف الإيراني-السوري الذي يمتدّ إلى لبنان و فلسطين أين يهدّد الكيان الصهيوني في وجوده.و عليه فإنّ إسرائيل لم تنتظر الكثير لفهم ما يحصل في سوريا من إستفاقة شعبيّة سلميّة ضدّ نظام إستمات في دعم إيران و حزب الله و حماس رغم ضعفه الكبير.فقرّرت بمساعدة أنظمة خنازير النفط الخليجيّة الخائنة بقيادة النظام القطري,الدّخول على الخطّ لقلب النظام في سوريا قصد محاصرة إيران و قتلها ببطئ و هي بذلك تربح الكثير
القضاء على النظام السوري
إضعاف المقاومة الإسلاميّة المسلحّة في لبنان و فلسطين
محاصرة المشروع النووي الإيراني
و بعدها يتمّ الشروع في تنفيذ المرحلة الثانية و الأهمّ في الخطّة, المتمثّلة في مساعدة التيّار الإسلامي السنّي على الصعود إلى الحكم في سوريا لتدمير المشروعية السياسية و الدينية الثورية التي ينبني عليها النظام العقدي في إيران,نظام ولاية الفقيه.
السير نحو السيناريو اللّيبي
لن يكون الحلّ في سوريا مختلفا عن الحلّ اللّيبي أي التدخل العسكري الغربي تحت غطاء حماية المدنيّين.و الإقرار بوجود حلّ وحيد مرتكز على حقيقة لا يمكن إنكارها هي أنّ الحراك الشعبي في سوريا لن ينتهي و أنّ نظام الأسد لن يتراجع تحت غطاء الدفاع عن السيادة الوطنية.
تأثير اللاّتوازن الدولي على الأزمة السورية
إنّ كلّ المشاكل التي تحدث للأمّة العربيّة لا يمكن أن تكون إلاّ بسبب,أولا الوهن الداخلي العميق و ثانيا وجود قوة دولية عظمى وحيدة تتحكم في المنطقة وفق مصالحها و مصالح حلفائها و هي أمريكا.
في المقابل نجد روسيا المنهكة التي تصارع الفناء محاولة العودة بقوة للدفاع عن مصالحها في الداخل و الخارج,تجد نفسها اليوم محاصرة و مهدّدة في أحد أهمّ معاقلها,سوريا أين تتمركز قاعدتها العسكرية المرعبة.
و من جهة أخرى تقف الصين الوحش الاسيوي القادم يظلّ يقوّي نفسه من الداخل دون التورّط في نزاعات قد تضعفها.لا يمكن لهذا اللاّتوازن إلاّ أن يحشر العرب في الزاوية و يجعلهم لعبة بين أيدي الغرب
الصمت الرهيب على ثورات شعوب الخليج العربي و خيانة قناة الجزيرة لشعب قطر
يا للعجب...ربيع عربي لا يجتاح سوى الجمهوريّات و لا يخدش المماليك...دولة مثل قطر,ليس لها دستور و لا مؤسسات قائمة الذات غير كرسي الأمير يتمّ قمع أية محاولة يقظة شعبية في ظل التعتيم الإعلامي الذي تفرضه قناة الجزيرة.التي خانت ثورة شعبها المقموعة.
تلك القناة التي تقضي الساعات الطوال لرصد ما يجري في سوريا مع شيء من التهويل و لا يهمها إن قتل خليجيّ بنيران الإسرائيليين كما لا يهمها إن جثم الأمير بمؤخرته الكبيرة جدا على صدور أهله المتعطشين إلى الديمقراطية و نفس حرية ولو قصير...
...
قد يخرج بعضنا عن الموضوعية و قد ينساق وراء عواطفه...بعد أن يرى صور الأطفال المقتولين في الشوارع...و لكن التغيير لا يتحقق بالمشاعر و الأحاسيس...قد يسقط بشار و سيسقط حتما...و ربّما تسقط معه سوريا جريحة على أثر مخالب إسرائيل و مباركة أنظمة الخليج...و أماما رؤيانا و مسمعنا...قد نخسر الكلّ...و قد يندم الشعب السوري على رفضه الدخول في حركة إصلاح تدريجية و إنتقال سلس نحو الديمقراطية الذي ننشده جميعا...دون إراقة الدماء و دون التورط في ولاءات للخارج...قد يدخل الشعب السوري من خلالها في نفق مظلم و طويل...لن يخرج منه بسهولة
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire